بعد أن كانت سلطة الوالدين تتحكم في إدارة شخصيات أبنائها معرفيا وسلوكيا في الأمس القريب، بات من المتعذر اليوم أن ينقاد الشاب إلى السلطة ذاتها في زمن سهلَ فيه الانفلات من سلطة الأب وتعددت فيه السلطات وازداد إغراؤها المثير، وتنوعت طرق الإقناع وفنونه، فبعد أن كان الجيل السابق يُربّى وفق مبدأ الترهيب والترغيب، ويُوجه بحسب ضوابط المسموحات الواجبة والممنوعات المحظورة، أصبح الآن أمام خيارات لا حصرَ لها؛ يمكن له أن يتصرف بها كيف شاء.
إن مساحة الحرية في قنوات الاتصال وشبكات الإنترنت هذا اليوم لم تقف عند حد معين في عرض أيّ شيء تقريبا، فقد تعددت المواقع وتكاثرت وأخذت تتبارى فيما بينها في تقديم كل ما هو مغر ومحبب من قبل الشباب وغيرهم، فهناك مواقع تخصصت لعرض شتى أنواع الممارسات الجنسية التي يمارسها الرجال مع النساء أو تلك التي تمارس بين الرجال أنفسهم أو بين النساء أنفسهن أو بين الإنسان والحيوان، أو بين الكبار والصغار، وتعدى الأمر إلى عرض أفلام جنسية بين المحارم أو عرض الأفلام المقززة، كل ذلك يعرض بطريقة التصوير الحقيقي أو أفلام الكارتون أو القصص المكتوبة وبشكل يمكن الوصول إليه بطريقة بسيطة جدا، فضلا عن مئات المواقع التي تعرض ما يدعو إلى التشكيك في القيم أو الإلحاد أو النسبية الأخلاقية، ومئات غيرها تعرض ما هو مخيف ومرعب من حوادث ووقائع بما يتعلق بعالم السحر والجن والرعب والحوادث الطبيعية والبشرية المفزعة.
إن هذه الممنوعات التي كانت في السابق مسكوتا عنها أصبحت اليوم في حوزة كل شاب تقريبا بمجرد أن يمتلك نقالا أو كمبيوترا عاديا، الأمر الذي جعله أمام عوالم من الحرية لا حد لها ولا رقيب معها على تصرفاته، وبذلك فقد ضعفت سلطة الرقيب، وتوارى الخوف الذي كان يزلزل دواخله عند الاقتراب من المدنس أو المحرم، بل إن شاب اليوم لم يعد يواجه صعوبة رقابية تمنعه من ممارسة أيّ فعل لم يستطع أن يُمارسه سابقا هو أو غيره، فكل الأشياء الآن يمكن أن تمارس بطريقة أو أخرى أو على الأقل أن تشاهد أو تقرأ.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك