العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٦٨ - الأحد ١٥ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ جمادى الآخر ١٤٤٦هـ

الاسلامي

شهر رمضان الفضيل.. شهر تجديد روحانيات المسلم والسمو بإيمانه

الجمعة ٢٢ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

حين‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ (‬شَهْرُ‭ ‬رَمَضَانَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬أُنْزِلَ‭ ‬فِيهِ‭ ‬الْقُرْآنُ‭ ‬هُدًى‭ ‬لِلنَّاسِ‭ ‬وَبَيِّنَاتٍ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْهُدَى‭ ‬وَالْفُرْقَانِ‭ ‬فَمَنْ‭ ‬شَهِدَ‭ ‬مِنْكُمُ‭ ‬الشَّهْرَ‭ ‬فَلْيَصُمْهُ‭ ‬وَمَنْ‭ ‬كَانَ‭ ‬مَرِيضًا‭ ‬أَوْ‭ ‬عَلَى سَفَرٍ‭ ‬فَعِدَّةٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَيَّامٍ‭ ‬أُخَرَ‭ ‬يُرِيدُ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬بِكُمُ‭ ‬الْيُسْرَ‭ ‬وَلَا‭ ‬يُرِيدُ‭ ‬بِكُمُ‭ ‬الْعُسْرَ‭ ‬وَلِتُكْمِلُوا‭ ‬الْعِدَّةَ‭ ‬وَلِتُكَبِّرُوا‭ ‬اللَّهَ‭ ‬عَلَى‭ ‬مَا‭ ‬هَدَاكُمْ‭ ‬وَلَعَلَّكُمْ‭ ‬تَشْكُرُون‭) (‬البقرة‭ ‬2‭: ‬185‭).‬

فرمضان‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬حيث‭ ‬يخبرنا‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬أهميته،‭ ‬وموعد‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬الشهر‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬القمرية‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬12‭ ‬شهرًا‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ (‬التقويم‭ ‬الهجري‭). ‬لقد‭ ‬حدد‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بنفسه‭ ‬السنة‭ ‬القمرية‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬خلق‭ ‬الأرض‭.‬

‭(‬إِنَّ‭ ‬عِدَّةَ‭ ‬الشُّهُورِ‭ ‬عِنْدَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬اثْنَا‭ ‬عَشَرَ‭ ‬شَهْرًا‭ ‬فِي‭ ‬كِتَابِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬يَوْمَ‭ ‬خَلَقَ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضَ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬أَرْبَعَةٌ‭ ‬حُرُمٌ‭ ‬ذلِكَ‭ ‬الدِّينُ‭ ‬الْقَيِّمُ‭ ‬فَلَا‭ ‬تَظْلِمُوا‭ ‬فِيهِنَّ‭ ‬أَنْفُسَكُمْ‭ ‬وَقَاتِلُوا‭ ‬الْمُشْرِكِينَ‭ ‬كَافَّةً‭ ‬كَمَا‭ ‬يُقَاتِلُونَكُمْ‭ ‬كَافَّةً‭ ‬وَاعْلَمُوا‭ ‬أَنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬مَعَ‭ ‬الْمُتَّقِينَ‭) (‬سورة‭ ‬التوبة،‭ ‬9‭:‬36‭).‬

يعتمد‭ ‬التقويم‭ ‬القمري‭ ‬الإسلامي‭ ‬عبر‭ ‬السنة‭ ‬الشمسية‭ ‬والفصول،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬السنة‭ ‬القمرية‭ ‬الحقيقية‭ ‬هي‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬يومًا‭ ‬أقصر‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬الشمسية‭. ‬يستغرق‭ ‬رمضان‭ ‬حوالي‭ ‬33‭ ‬عامًا‭ ‬شمسيًا‭ ‬ليعود‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬عبر‭ ‬التقويم‭ ‬الشمسي‭ ‬بأكمله‭. ‬في‭ ‬العمر‭ ‬النموذجي،‭ ‬سيشهد‭ ‬المسلم‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النطاق‭ ‬الكامل‭ ‬للسنة‭ ‬الشمسية‭.‬

ما‭ ‬صوم‭ ‬رمضان؟

يفرض‭ ‬صيام‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬الفجر‭ ‬حتى‭ ‬غروب‭ ‬الشمس‭ ‬والامتناع‭ ‬عن‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والجماع‭ ‬طوال‭ ‬29‭ ‬أو‭ ‬30‭ ‬يومًا،‭ ‬حيث‭ ‬تتقلب‭ ‬الشهور‭ ‬القمرية‭ ‬بشكل‭ ‬طبيعي،‭ ‬وهذا‭ ‬واجب‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المسلمين‭ ‬غير‭ ‬المرضى‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سفر‭ ‬عدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬الصيام‭ ‬بسبب‭ ‬العمر‭ ‬والحمل‭ ‬والرضاعة‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬المصاعب‭ (‬الذين‭ ‬يستطيعون‭ ‬دفع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالفدية،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الصيام‭. ‬المفطر‭: ‬يجب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬تخلف‭ ‬عن‭ ‬صيامه‭ ‬عمداً‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سبب‭ ‬دفع‭ ‬كفارة‭.‬

ما‭ ‬الغاية‭ ‬من‭ ‬رمضان؟

لا‭ ‬يهدف‭ ‬صيام‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬الجوع‭ ‬والعطش‭ ‬والحرمان‭ ‬الحسي‭ ‬للصائمين،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭:‬‭ ‬‮«‬رُبَّ‭ ‬صَائِمٍ‭ ‬لَيْسَ‭ ‬لَهُ‭ ‬مِنْ‭ ‬صِيَامِهِ‭ ‬إِلاَّ‭ ‬الْجُوعُ‭ ‬وَرُبَّ‭ ‬قَائِمٍ‭ ‬لَيْسَ‭ ‬لَهُ‭ ‬مِنْ‭ ‬قِيَامِهِ‭ ‬إِلاَّ‭ ‬السَّهَرُ‮»‬‭ (‬أحمد‭ ‬رقم‭ ‬8693‭).‬

يهدف‭ ‬رمضان‭ ‬إلى‭ ‬تحلي‭ ‬المؤمنين‭ ‬بالأخلاق،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد،‭ ‬تتمثل‭ ‬محاكمتنا‭ ‬كبشر‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬والتصرف‮»‬‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬حكمنا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬منحه‭ ‬إياه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ (‬الَّذِي‭ ‬خَلَقَ‭ ‬الْمَوْتَ‭ ‬وَالْحَيَاةَ‭ ‬لِيَبْلُوَكُمْ‭ ‬أَيُّكُمْ‭ ‬أَحْسَنُ‭ ‬عَمَلا‭ ‬وَهُوَ‭ ‬الْعَزِيزُ‭ ‬الْغَفُورُ‭) (‬سورة‭ ‬الملك‭ ‬2‭)‬

معيار‭ ‬العبادة‭ ‬هو‭ ‬الغيب‭ ‬غير‭ ‬المرئي،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ (‬قُلْ‭ ‬هُوَ‭ ‬الَّذِي‭ ‬أَنشَأَكُمْ‭ ‬وَجَعَلَ‭ ‬لَكُمُ‭ ‬السَّمْعَ‭ ‬وَالأَبْصَارَ‭ ‬وَالأَفْئِدَةَ‭ ‬قَلِيلا‭ ‬مَّا‭ ‬تَشْكُرُونَ‭) (‬سورة‭ ‬الملك،‭ ‬67‭:‬23‭).‬

قل‭ ‬لهم‭ -‬أيها‭ ‬الرسول‭- ‬الله‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أوجدكم‭ ‬من‭ ‬العدم،‭ ‬وجعل‭ ‬لكم‭ ‬السمع‭ ‬لتسمعوا‭ ‬به،‭ ‬والأبصار‭ ‬لتبصروا‭ ‬بها،‭ ‬والقلوب‭ ‬لتعقلوا‭ ‬بها،‭ ‬قليلا‭-‬أيها‭ ‬الكافرون‭ -‬ما‭ ‬تؤدون‭ ‬شكر‭ ‬هذه‭ ‬النعم‭ ‬لربكم‭ ‬الذي‭ ‬أنعم‭ ‬بها‭ ‬عليكم‭. ‬قل‭ ‬لهم‭: ‬الله‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬خلقكم‭ ‬ونشركم‭ ‬في‭ ‬الأرض،‭ ‬وإليه‭ ‬وحده‭ ‬تُجمعون‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬التفرق‭ ‬للحساب‭ ‬والجزاء‭.‬

بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬تدخل‭ ‬إلهي‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الدنيا‭ ‬مصمم‭ ‬لتحريرنا‭ ‬لنصبح‭ ‬ما‭ ‬أوجدتنا‭ ‬أيادي‭ ‬الخالق‭ ‬اليمنى‭ ‬في‭ ‬الأصل‭: ‬بوعي‭ ‬عبادا‭ ‬للامتنان‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الإله‭ ‬الواحد‭.‬

ماذا‭ ‬يحصل‭ ‬الصائم‭ ‬من‭ ‬رمضان؟

من‭ ‬الناحية‭ ‬الروحية‭ ‬يخبرنا‭ ‬القرآن‭ ‬أن‭ ‬الفضيلة‭ ‬الصريحة‭ ‬التي‭ ‬يمنحها‭ ‬صيام‭ ‬رمضان‭ ‬للمؤمن‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬خائفًا‭ ‬من‭ ‬الله،‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭ ‬تمامًا‭ ‬للثقة‭ ‬في‭ ‬النجاح‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬العبء‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬الجنة‭ ‬إلى‭ ‬الأرض،‭ ‬بصفته‭ ‬وكيله‭ ‬المعين‭ ‬والقدير‭. ‬أن‭ ‬نصبح‭ ‬خائفين‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أمر‭ ‬أساسي‭ ‬لنجاحنا‭ ‬النهائي‭.‬

حيث‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ (‬يَوْمَ‭ ‬لَا‭ ‬يَنْفَعُ‭ ‬مَالٌ‭ ‬وَلَا‭ ‬بَنُونَ‭. ‬إِلَّا‭ ‬مَنْ‭ ‬أَتَى‭ ‬اللَّهَ‭ ‬بِقَلْبٍ‭ ‬سَلِيمٍ‭) (‬الشعراء‭ ‬26‭: ‬87-89‭).‬

وأيضاً‭: (‬لَقَدْ‭ ‬خَلَقْنَا‭ ‬الْإِنْسَانَ‭ ‬فِي‭ ‬أَحْسَنِ‭ ‬تَقْوِيمٍ‭ (‬4‭) ‬ثُمَّ‭ ‬رَدَدْنَاهُ‭ ‬أسْفَلَ‭ ‬سَافِلِينَ‭ (‬5‭) ‬إِلَّا‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُوا‭ ‬وَعَمِلُوا‭ ‬الصَّالِحَاتِ‭ ‬فَلَهُمْ‭ ‬أَجْرٌ‭ ‬غَيْرُ‭ ‬مَمْنُونٍ‭ (‬6‭) (‬سورة‭ ‬التين،‭ ‬95‭: ‬4‭-‬6‭).‬

في‭ ‬مفردات‭ ‬القرآن،‭ ‬‮«‬تقوى‭ ‬الله‮»‬‭ -‬هي‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الجليل،‭ ‬والعمل‭ ‬بالتنزيل،‭ ‬القوة‭ ‬المحددة‭ ‬التي‭ ‬تريدنا‭ ‬النية‭ ‬الإلهية‭ ‬أن‭ ‬نأخذها‭ ‬من‭ ‬صيام‭ ‬رمضان‭-‬إجمالاً،‭ ‬صيام‭ ‬رمضان‭ ‬يقشر‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حواسنا،‭ ‬حجابه‭ ‬من‭ ‬قلوبنا،‭ ‬ويعيد‭ ‬معنوياتنا‭ ‬إلى‭ ‬السيولة‭ ‬الأولى،‭ ‬فنأتي‭ ‬بثمر‭ ‬رمضان‭: ‬التقوى،‭ ‬خوف‭ ‬الله‭ ‬اللائق‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬التدبير‭ ‬الذي‭ ‬توفره‭ ‬طاعة‭ ‬الشهر،‭ ‬وهي‭ ‬وصفة‭ ‬طبية‭ ‬تمنحنا‭ ‬نظامها‭ ‬القوة‭ ‬للارتقاء‭ ‬إلى‭ ‬مكانتنا‭ ‬البشرية‭ ‬الكاملة‭ ‬والسير‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬يكتنفه‭ ‬نور‭ ‬الله‭ ‬لنا‭.‬

هل‭ ‬الصوم‭ ‬عبادة‭ ‬شرعية‭ ‬فقط؟

صيام‭ ‬رمضان‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬على‭ ‬الناس‭. ‬تعد‭ ‬تعاليمه‭ ‬القرآنية‭ ‬مصدرًا‭ ‬عباديًا‭ ‬قديمًا‭ ‬مثل‭ ‬العقيدة‭ ‬التوحيدية،‭ ‬أي‭ ‬قديم‭ ‬قدم‭ ‬الإنسان،‭ ‬لأن‭ ‬الدين‭ ‬الحقيقي‭ ‬والإنسان‭ ‬يظهران‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬الأنثروبولوجيا‭ ‬المقدسة‭ ‬للإسلام‭.‬

وتأتي‭ ‬زكاة‭ ‬الفطر‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مواد‭ ‬غذائية‭ ‬أساسية‭ ‬أو،‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬اليوم‭ ‬تأتي‭ ‬كدفعة‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬تعادل‭ ‬قيمته‭ ‬توفير‭ ‬قوت‭ ‬يوم‭ ‬كامل‭ ‬للشخص‭.‬

إنها‭ ‬طـُهرة‭ ‬للصائم‭ ‬من‭ ‬اللغو‭ ‬والرفث،‭ ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬تمحو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يرتكبه‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬منهيات‭ ‬شرعية‭ ‬في‭ ‬صيامه‭. (‬2‭) ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬الغذائية‭ ‬للمؤمنين‭ ‬الفقراء‭ ‬وهي‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬شكر‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬بإخلاص،‭ ‬إنَّها‭ ‬طُعمةٌ‭ ‬للمساكينِ؛‭ ‬ليستغنوا‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬السُّؤالِ‭ ‬يومَ‭ ‬العِيدِ،‭ ‬ويشتركوا‭ ‬مع‭ ‬الأغنياءِ‭ ‬في‭ ‬فرحةِ‭ ‬العيد‭. ‬تُعدُّ‭ ‬سبيلاً‭ ‬لحمد‭ ‬الله‭ ‬وشكره‭ ‬على‭ ‬إتمام‭ ‬صيام‭ ‬رمضان،‭ ‬وعلى‭ ‬باقي‭ ‬النِّعَم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُعَدّ،‭ ‬ولا‭ ‬تُحصى‭.‬

ما‭ ‬فضائل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الخاصة؟

رمضان‭ ‬مليء‭ ‬بالعبادة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الصوم،‭ ‬ويغدق‭ ‬في‭ ‬فضله‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الورعة‭ ‬الأخرى،‭ ‬فقد‭ ‬ضاعف‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أجر‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬خيري‭ ‬فيه‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬صغيراً‭.‬

1-الشهادة‭: ‬شهادة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله‭ ‬وأن‭ ‬محمد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ويتجلى‭ ‬ممارساتها‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭.‬

-2الصلاة‭: ‬يؤدي‭ ‬المصلون‭ ‬العبادة‭ ‬الإسلامية‭ ‬المميزة‭ ‬يوميًا‭ ‬مدة‭ ‬شهر‭ ‬متواصل‭ - ‬بشكل‭ ‬فردي‭ ‬وجماعي،‭ ‬في‭ ‬الشمس‭ ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬النجوم،‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬وأماكن‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الأرض،‭ ‬وتتميز‭ ‬بصلاة‭ ‬التراويح‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬ترنيمة‭ ‬للسماء‭.‬

-3الزكاة‭: ‬يخرج‭ ‬المسلمون‭ ‬زكاة‭ ‬أموالهم‭ ‬عن‭ ‬سنة‭ ‬قمرية‭ ‬ويعطونها‭ ‬للفقراء‭ ‬والمساكين‭ ‬والعاملين‭ ‬عليها‭ ‬والمؤلفة‭ ‬قلوبهم‭ ‬وفي‭ ‬الرقاب‭ ‬والغارمين‭ ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬وابن‭ ‬السبيل‭.‬

غالباً‭ ‬يصل‭ ‬تراكم‭ ‬الثروة‭ ‬لعام‭ ‬كامل‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬النضج‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬رمضان‭. ‬إن‭ ‬صدقات‭ ‬الزكاة‭ ‬هذه‭ ‬تصنع‭ ‬شيئاً‭ ‬كبيراً‭ ‬لما‭ ‬تستحقها‭ ‬عندما‭ ‬توزع‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الموزعين‭ ‬الحكماء‭)‬،‭ ‬وتُدفع‭ ‬لهم‭ ‬بفرحة،‭ ‬لأنها‭ ‬تجبي‭ ‬الأجر‭ ‬الكبير‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭.‬

هل‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬للتصدق؟

أفضل‭ ‬الأوقات‭ ‬يضاعف‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أجر‭ ‬العمل‭ ‬الصالح‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الصدقة‭ ‬التطوعية،‭ ‬مع‭ ‬فتح‭ ‬الأيدي‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬يتبع‭ ‬صائمو‭ ‬رمضان‭ ‬نموذج‭ ‬نبيهم‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭: ‬كَانَ‭ ‬رَسُولُ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬أَجْوَدَ‭ ‬النَّاسِ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬أَجْوَدُ‭ ‬مَا‭ ‬يَكُونُ‭ ‬فِي‭ ‬رَمَضَانَ‭ ‬حِينَ‭ ‬يَلْقَاهُ‭ ‬جِبْرِيلُ‭ ‬وَكَانَ‭ ‬يَلْقَاهُ‭ ‬فِي‭ ‬كُلِّ‭ ‬لَيْلَةٍ‭ ‬مِنْ‭ ‬رَمَضَانَ‭ ‬فَيُدَارِسُهُ‭ ‬الْقُرْآنَ‭ ‬فَرَسُولُ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭ ‬أَجْوَدُ‭ ‬بِالْخَيْرِ‭ ‬مِنْ‭ ‬الرِّيحِ‭ ‬الْمُرْسَلَةِ‭ (‬البخاري‭ ‬رقم‭ ‬3554‭).‬

وروى‭ ‬ابن‭ ‬عباس‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الصحابي‭ ‬أنس‭ ‬سأل‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: ‬ما‭ ‬أفضل‭ ‬صدقة؟‭ ‬قال‭: ‬الصدقة‭ ‬في‭ ‬رمضان‭.‬

قَالَ‭ ‬رَسُولُ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬وَسَلَّمَ‭: ‬‮«‬قَالَ‭ ‬اللَّهُ‭: ‬كُلُّ‭ ‬عَمَلِ‭ ‬ابْنِ‭ ‬آدَمَ‭ ‬لَهُ‭ ‬إِلا‭ ‬الصِّيَامَ‭ ‬فَإِنَّهُ‭ ‬لِي‭ ‬وَأَنَا‭ ‬أَجْزِي‭ ‬بِهِ‭ (‬مسلم،‭ ‬رقم‭ ‬115‭).‬

وَالَّذِي‭ ‬نَفْسِي‭ ‬بِيَدِهِ‭ ‬لَخُلُوفُ‭ ‬فَمِ‭ ‬الصَّائِمِ‭ ‬أَطْيَبُ‭ ‬عِنْدَ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬تَعَالَى‭ ‬مِنْ‭ ‬رِيحِ‭ ‬الْمِسْكِ،‭ ‬يَتْرُكُ‭ ‬طَعَامَهُ‭ ‬وَشَرَابَهُ‭ ‬وَشَهْوَتَهُ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَجْلِي،‭ ‬الصِّيَامُ‭ ‬لِي،‭ ‬وَأَنَا‭ ‬أَجْزِي‭ ‬بِهِ،‭ ‬وَالْحَسَنَةُ‭ ‬بِعَشْرِ‭ ‬أَمْثَالِهَا‮»‬‭. (‬البخاري،‭ ‬رقم‭ ‬1904‭).‬

هل‭ ‬اختص‭ ‬الله‭ ‬الصوم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬سائر‭ ‬العبادات؟‭ ‬نعم‭. ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬علماؤنا‭ ‬ذلك‭ ‬بعدة‭ ‬طرق‭:‬

‭ ‬إنه‭ ‬سر‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الله‭ ‬اختصه‭ ‬الله‭ ‬بنفسه؛‭ ‬لأنه‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يعلمه‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬الجوزي‭ ‬أشهر‭ ‬إمام‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الثاني‭ ‬عشر‭: ‬كل‭ ‬عبادات‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬الصوم‭ ‬يراها‭. ‬هذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلوث‭ ‬نقاء‭ ‬نية‭ ‬المرء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إظهار‭ ‬خارجي‭ ‬للتقوى،‭ ‬وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬الرياء‭.‬

2-‭ ‬كما‭ ‬إن‭ ‬عبارة‭ ‬الله‭ ‬‮«‬الصوم‭ ‬لي‮»‬‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬صنفه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬عبادة‭ ‬‮«‬أعز‮»‬‭ ‬عنده،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬قاضي‭ ‬لشبونة‭ ‬المالكي‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬عشر،‭ ‬ابن‭ ‬عبد‭ ‬البر،‭ ‬‮«‬يكفي‭ ‬للدلالة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬تفوق‭ ‬الصوم‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬العبادات‭ ‬الأخرى،‭ ‬ويؤيد‭ ‬ذلك‭ ‬القول‭ ‬الأصيل‭ ‬للنبي‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭: ‬‮«‬‭(‬عليك‭ ‬بالصوم،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬مِثلَ‭ ‬له‭)‬‮»‬‭ (‬النساء‭ ‬رقم‭ ‬2220‭).‬

ما‭ ‬هو‭ ‬أفضل‭ ‬وقت‭ ‬في‭ ‬رمضان؟

ليلة‭ ‬القدر‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬ليالي‭ ‬الطقوس‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬العالم‭. ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الليلة‭ ‬التي‭ ‬نزل‭ ‬فيها‭ ‬القرآن‭ ‬على‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬في‭ ‬غار‭ ‬حراء‭ ‬على‭ ‬جبل‭ ‬النور‭ ‬خارج‭ ‬مكة،‭ ‬تكليفه‭ ‬بالرسالة‭ ‬إنها‭ ‬إحدى‭ ‬الليالي‭ ‬ذات‭ ‬الأرقام‭ ‬الفردية‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬العشرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬الصيام‭.‬

باختصار،‭ ‬هذه‭ ‬الليلة‭ ‬تعادل‭ ‬ألف‭ ‬شهر‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬عبادة‭ ‬الصيام‭ ‬فيها‭. ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬كل‭ ‬عبادة‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الساعات‭ ‬الليلية‭ ‬مساوية‭ ‬لعمر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العبادات‭ -‬83‭ ‬سنة‭ ‬وأربعة‭ ‬أشهر‭ -‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬الصلاة‭ ‬والدعاء،‭ ‬والصدقة،‭ ‬وذكر‭ ‬الله،‭ ‬وكل‭ ‬عمل‭ ‬صالح‭ ‬وعبادة‭.‬

في‭ ‬سياق‭ ‬الأمر‭ ‬بهذه‭ ‬الطقوس‭ ‬الصارمة‭ ‬والامتناع‭ ‬في‭ ‬وضح‭ ‬النهار‭ ‬عن‭ ‬المغريات‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬نيل‭ ‬الأجر‭ ‬العظيم‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأخير،‭ ‬يحلفنا‭ ‬الله‭ ‬بكلمات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفشل‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬القلب‭ ‬الذي‭ ‬يرتجف‭ ‬مع‭ ‬الشوق‭ ‬إلى‭ ‬الاقتراب‭ ‬منه‭:‬

يقول‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬وَإِذَا‭ ‬سَأَلَكَ‭ ‬عِبَادِي‭ ‬عَنِّي‭ ‬فَإِنِّي‭ ‬قَرِيبٌ‭ ‬أُجِيبُ‭ ‬دَعْوَةَ‭ ‬الدَّاعِ‭ ‬إِذَا‭ ‬دَعَانِ‭ ‬فَلْيَسْتَجِيبُواْ‭ ‬لِي‭ ‬وَلْيُؤْمِنُواْ‭ ‬بِي‭ ‬لَعَلَّهُمْ‭ ‬يَرْشُدُونَ‭) (‬سورة‭ ‬البقرة‭ ‬2‭: ‬186‭).‬

وأيضاً‭ (‬جَزَاؤُهُمْ‭ ‬عِندَ‭ ‬رَبِّهِمْ‭ ‬جَنَّاتُ‭ ‬عَدْنٍ‭ ‬تَجْرِي‭ ‬مِن‭ ‬تَحْتِهَا‭ ‬الأَنْهَارُ‭ ‬خَالِدِينَ‭ ‬فِيهَا‭ ‬أَبَدًا‭ ‬رَّضِيَ‭ ‬اللَّهُ‭ ‬عَنْهُمْ‭ ‬وَرَضُوا‭ ‬عَنْهُ‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬لِمَنْ‭ ‬خَشِيَ‭ ‬رَبَّهُ‭) (‬سورة‭ ‬البينة‭ ‬98‭: ‬8‭).‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا