أول امرأة بحرينية تترأس قسم الفيزياء فـي كلية العلوم بجامعة البحرين، وتمثل المملكة فـي اللجنة الخليجية للطاقة المتجددة وأنظمة تخزينها وفـي المنظمة الدولية الكهروتقنية، وتحتل منصب رئيس المنطقة الثامنة لجمعية الطاقة التابعة للمعهد الهندسي الدولي للكهرباء والإلكترونيات، وتحصل على رسالتي الماجستير والدكتوراه فـي الطاقة المتجددة من أحد أهم ثمانية مراكز عالمية متخصصة بجامعة لافبرا.. أحد مؤسسي مسرح جلجامش البحرين.. د . حنان مبارك البوفلاسة لـ«أخبار الخليج»:
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم: «إن التقسيم في القرن الحادي والعشرين سيكون على أساس المعلومات.. مجتمعات تعرف.. وأخرى لا تعرف»!
نعم، العلم يصنع الحياة، ومن يتوقف عن التعلم يتوقف عن الحياة، لذلك حين سئل سموه عن سبب تأخرنا عن الركب العالمي، أجاب بأن السبب هو قلة العلماء لدينا، وهذا ما يجب التركيز عليه كي نرقى ونتقدم.
تلك هي رؤيتها بالفعل، لذلك تؤكد أن العالِم يغير العالَم، وعلى أن أهم التغييرات تبدأ من العلماء، وكان هذا هو مدخل الحديث معها حول تجربتها العلمية والعملية الثرية، والتي تجسد نموذجا يقتدى به، حيث أعربت عن أملها في أن تضع مملكتنا لنفسها هدفا استراتيجيا لنيل أحد أبنائها من العلماء جائزة نوبل، والتي تمثل بالنسبة إليها سقف طموحها .
د حنان مبارك البوفلاسة، أستاذ الطاقة المتجددة المساعد ومنسق مختبراتها بجامعة البحرين، أول امرأة تترأس قسم الفيزياء في كلية العلوم وتمثل المملكة في اللجنة الخليجية للطاقة المتجددة وأنظمة تخزينها، وفي المنظمة الدولية الكهروتقنية في لجنتي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتتقلد منصب رئيس المنطقة الثامنة لجمعية الطاقة التابعة للمعهد الهندسي الدولي للكهرباء والإلكترونيات، فضلا عن أنها أول من حصل على رسالتي الماجستير والدكتوراه في الطاقة المتجددة بالبحرين.
لقد بدأت مشوارها العملي بوظيفة متواضعة للغاية، وصعدت السلم من أوله حتى اعتلت القمة بعد قصة كفاح ونجاح طويلة مليئة بالعبر والدروس وبالإنجازات والتحديات، والتي سنتوقف عند أهم محطاتها في الحوار التالي، علها تؤكد أن التفوق الحقيقي أساسه إدراك قيمة العلم والمعرفة في تطوير حياتنا إلى الأفضل، وعلى أن التعليم كان وسيظل في مقدمة القطاعات التي يجب أن توليها أي دولة كل الدعم والرعاية.
كيف أثرت طفولتك في مسيرتك؟
- لقد بدأ عشقي للعلم والتعلم مبكرا للغاية وتحديدا منذ طفولتي، وكنت أحلم في صغري أن أصبح أول رائدة عربية للفضاء، وكانت لي كتابات نثرية وقصصية عند عمر عشر سنوات، واكتشفت لاحقا أنها تكشف عن موهبة كتابات مسرحية جاءت نتاج قراءات واسعة ومتنوعة لكثير من الأدباء العالميين مثل شكسبير وغيره، وبالفعل شاركت بعملين مسرحيين في مرحلة الجامعة وفازا بالمركز الأول، ومن هنا بدأت الانطلاقة الأدبية وقمت بتأليف العديد من المسرحيات، كما أسهمت في تأسيس مسرح جلجامش البحرين، ولعل أهم أعمالي كانت بعنوان «جلجامش» وتم تقديمها خلال مهرجان البحرين السينما، وكان ذلك بعد تخرجي في الجامعة.
كيف كانت بداية دخولك عالم الفيزياء؟
- لقد قررت دراسة تخصص الفيزياء في المرحلة الجامعية، وجاء ذلك صدفة، حيث كانت رغبتي الأساسية هي دراسة علم الفلك، ولكنها كانت أجمل ما حدث لي في حياتي، وكان حبي للعلوم وراء إشغالي منصب مشرف لقسم الفلك في مركز العلوم للأطفال والشباب لمدة ثماني سنوات، وكان ذلك في بداية الدراسة الجامعية، ومن أهم الإنجازات خلال هذه الفترة ربط تلسكوبات البحرين في المركز بفرنسا لتغطية آخر كسوف في الألفية الثانية.
وبعد التخرج؟
- بعد التخرج في الجامعة عملت في وظيفة متواضعة ليست في تخصصي، براتب لم يتعد مائة دينار، ثم انتقلت إلى العمل بوزارة التجارة في مختبر فحص اللؤلؤ والأحجار الكريمة، وحصلت على دبلوم في هذا المجال من بريطانيا، وهو يرتبط جيدا بدراستي للفيزياء، فالفحص في النهاية هو عملية فيزيائية، وقد أصبحت أخصائي الماس أول ثم انتقلت إلى العمل لدى جامعة البحرين، وبدأ مشواري معها.
حدثينا عن تجربة دراسة رسالتي الماجستير والدكتوراه .
- أذكر أن د. دكتور وهيب الناصر ود . محمد الغتم رئيس الجامعة حينئذ اقترحا علي دراسة تخصص الطاقة المتجددة في رسالتي الماجستير والدكتوراه في بريطانيا، وأجزم بأنني لم أكن متحمسة في البداية، ولكن مع مرور الوقت شعرت بالامتنان لهما، وكنت أول من حصل على هاتين الرسالتين في البحرين من مركز تكنولوجيا الطاقة المتجددة في جامعة لافبرا وهو من أهم ثمانية مراكز على مستوى العالم في هذا التخصص، وكنت العربية الوحيدة هناك حيث قضيت ست سنوات للدراسة، ومع ذلك استمر اهتمامي بمجال الفلك، وكنت أحضر مقررات خاصة به في جامعات أخرى.
بماذا أفادتك الدراسة في بريطانيا؟
- تجربة الدراسة في بريطانيا ساعدتني على كيفية الاستفادة من البحوث العلمية، وتحديد أسلوب البدء في أي مشروع بحثي، إلى جانب بناء شراكات على مستوى العالم، منها الشراكة مع الجامعة هناك بدعم الحكومة البريطانية لإنشاء اختبارات الطاقة المتجددة في جامعة البحرين، وكذلك مع جهات أخرى مثل جامعة أوكسفورد وآستون ومعهد فرانهوفر للطاقة الشمسية، ولدينا اليوم 15 لوحا شمسيا مصنعا في المانيا، أما التعاون الأكبر حاليا فهو مع 16 جامعة ومعهد وشركة في أوروبا من خلال برنامج أفق 2020 بتكلفة قدرها عشرة ملايين يورو.
*كيف ترين وضع الطاقة المتجددة بالمملكة؟
- يمكن القول بشكل عام إن هناك توجها في المرحلة الأخيرة لنشر ثقافة الطاقة المتجددة بالمملكة، تتجسد في قرارات ومبادرات متعددة في هذا المجال، ولكننا مازلنا بحاجة إلى مزيد من المختبرات والأبحاث والدعم المادي، وهو مجال مهم يمثل جزءا من حل الكثير من المشاكل البيئية، وكم أنا فخورة بوضع البحرين على خارطة الطاقة المتجددة العالمية، هذا فضلا عن اختياري من بين 90 شخصية مرشحة من جميع دول العالم لترؤس المنطقة الثامنة، وهي تغطي إفريقيا وأوروبا، ويندرج تحتها 47 دولة، وهو إنجاز مهم ومنصب مرعب في الوقت نفسه لأنه يمثل مسؤولية مضاعفة رفعت من مستوى التحديات.
ما أصعب التحديات التي واجهتك؟
- لعل أصعب تحد واجهني عبر مسيرتي كان حين تخرجت في الجامعة، وظللت أبحث عن وظيفة في المجال الصناعي الذي كان حكرا على العنصر الرجالي بنسبة كبيرة، ومن ثم قوبلت بالرفض لخوض هذه التجربة كوني فتاة، ولكني لم أشعر باليأس مطلقا، وأقدمت على العمل في البداية في مجال غير تخصصي، وبنظام جزئي في إحدى الوزارات، وهذا يؤكد أنه ليس هناك مستحيل طالما توفرت الإرادة والمثابرة وهذه رسالتي للجيل الجديد الذي أراه قد شاخ قبل أوانه، وأتمنى أن يقدم له كل الدعم والاحتضان، ومنحه جرعة من التفاؤل تجاه المستقبل لأنه يحمل طاقات هائلة ومبدعة بحاجة إلى تهيئة البيئة والمناخ للاستفادة منها.
وأشد محنة؟
- من أشد المحن التي مررت بها كانت محنة وفاة والدي أثناء فترة دراسة الدكتوراه، ومروري بأزمة نفسية لشهور طوال جراء ذلك، ثم تعرضي لوعكة صحية وإجراء عملية جراحية في بريطانيا، ولكني صمدت في وجه كل هذه الظروف الصعبة للغاية، وذلك لشعوري بالمسؤولية تجاه وطني الذي تكبد أموالا طائلة لمواصلة دراساتي العليا، وحرصا مني على عدم إهدار تلك النفقات هباء، إلى جانب عزمي على تحقيق السعادة لوالدتي التي كانت تدعمني وتشجعني بشدة وكلها أمل في أن أحقق طموحي، وبالفعل واصلت مشواري العلمي ووصلت إلى هدفي، وكانت فرحة غامرة لي حين حضرت والدتي حفل التخرج وشاركتني تلك اللحظة وشعوري بتحقيق حلمي.
حلم ضاع وسط زحمة الحياة؟
- قد يكون حلمي الذي ضاع وسط زحمة الحياة وانشغالاتها هو أن أصبح أول رائدة فضاء عربية، أما سقف طموحي القادم فهو الحصول على جائزة نوبل، وهو أمر ليس بمستحيل، فقط نحن بحاجة إلى صناعة العلماء، ودعمهم، ووضع الاستراتيجيات التي يمكن أن ننال من خلالها تلك الجائزة على مستوى المملكة، وأذكر هنا أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم حين سئل عن تأخرنا في العلم أجاب بأن السبب هو قلة العلماء، وهذا ما نحتاج التركيز عليه وبشدة، لأنني على قناعة تامة بأن العالِم يغير العالم، وأن أي تغييرات تبدأ من العلماء.
هل سرقتك طموحاتك العلمية والعملية من حياتك الخاصة؟
- نعم، يمكن القول إن طموحي على الصعيد العلمي والعملي سرقني من حياتي الخاصة، وكانت والدتي دائما تلفت نظري إلى انشغالي المتواصل واللامحدود بتحقيق أحلامي وأهدافي، ولكني راضية وسعيدة وفخورة بما حققته ولله الحمد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك