صنفت لعامين متتاليين من أفضل 2% من العلماء حول العالم.. صاحبة 45 بحثا علميا تم الاستشهاد بها حوالي 1500 مرة عالميا.. حاصلة على جوائز أوابيك للنفط، وراشد بن حميد للثقافة والعلوم، والشارقة لأطروحات الدكتوراه في العلوم الإدارية بالوطن العربي، والعالم كوندو للأبحاث، وعلى ثلاث جوائز بحثية من معهد المحاسبين القانونيين بالهند.. رئيس تطوير البحث العلمي ومدير إدارة الاعتمادية والتراخيص بمجلس التعليم العالي د. أمينة محمد بوعلاي لـ«أخبار الخليج»:
يقول الكاتب والمفكر السعودي إبراهيم البليهي: «حين نتحدث عن العباقرة فيجب أن نتذكر دائما أن تسعة أعشار العبقرية هي اهتمام قوي مستغرق وجهد موصول منظم»!
العبقرية صفة يتصف بها المرء، وهي التحلي بذكاء خارق خارج الطبيعة، تجعل صاحبه مختلفا عن أي شخص آخر، ويتمتع بالنضج الكامل في التفكير، واتخاذ القرارات نتيجة الاستنتاجات السليمة.
دكتورة أمينة محمد بوعلاي، القائم بأعمال مدير إدارة الاعتمادية والتراخيص بمجلس التعليم العالي، امرأة عبقرية، حاصلة على عشر جوائز علمية عالمية، وصاحبة 45 بحثا عالميا تم الاستشهاد بها أكثر من 150 مرة على مستوى العالم، لذلك تم تصنيفها من بين أفضل 2% من العلماء في العالم من قبل جامعة سانفورد لعامين متتالين.
العلم هو رسالتها في الحياة، التي تؤديها بكل شغف وعشق، بهدف التمرس به، والبحث فيه، والإنجاز في هذا الحقل بلا توقف أو حدود، وهذه هي السعادة الأولى الذي قررت أن تسخر حياتها له، وتبذل فيه الوقت والجهد، حيث صنعت منه هدفا دائما تسعى إلى تحقيقه، الأمر الذي يفتح آفاقا جديدة ورؤية خاصة تحقق من خلالها الابتكار والعطاء المستمر والمتجدد دائما.
هي ترى أن شغفها بالعلم ثروة يجب أن تحافظ عليها، فعلاقتها به نشأت منذ الطفولة، فكيف كان المشوار؟
وما أهم المحطات؟
وأسئلة أخرى حاولنا الإجابة عنها في الحوار التالي:
متى تم اكتشاف عبقريتك العلمية؟
في الصف الأول الابتدائي لاحظت معلمتي أنني أعاني من نوع من التعسر، حيث كنت أكتب الكلام بالمقلوب، بسبب ترجمة الكلام في المخ قبل رؤيته، وهو ما يعرف بالديسلكسيا، وهذا ما اكتشفته لاحقا حين كبرت، وعملت معلمة في احدى المدارس الثانوية، وأدركت أن هذه الحالة تعتبر مؤشرا للعبقرية، حيث إن المعروف أن الكثيرين من أصحاب هذه الحالات يكونون مبدعين، ويتمتعون بالذكاء، وحين تم اكتشاف هذه المشكلة لدي منذ الصغر تم تدريبي مبكرا، وبالتدريج أصبحت مثلي مثل غيري من زملائي، وبالفعل كنت متفوقة في دراستي، ودائما احتل المراكز الأولى علميا، حتى بلغت مرحلة الثانوية العامة، وكان طموحي باستمرار أن أصبح طبيبة في المستقبل، ولكن نظرا إلى حساسيتي الزائدة، قررت دراسة تخصص المحاسبة، لحبي للرياضيات ونبوغي فيها، وحققت حلمي بأن أكون دكتورة أكاديميا وليس طبيا.
كيف أثرت نشأتك على نبوغك العلمي؟
أنا محرقية وأفتخر، والمعروف أن المحرق قرة أعين قاطنيها، وتغرس في نفوسهم حب العلم، والحرص على الاضافة إلى رصيدها، وتاريخها، كما أنها دوما ولادة للعلماء والوطنيين وتاريخها العريق شاهد على ذلك، كذلك أنا على يقين بأن دعوات والدتي هي سر نجاحي ووراء أي إنجاز عبر مسيرتي، فكلما دعت لي يأتي إليّ خبر سار.
أصعب تحدٍ؟
لعل أهم تحدٍ واجهني عبر مشواري هو أنني تزوجت مبكرا، حيث حدث ذلك قبل إنهاء دراستي الجامعية، فقد كنت أمّا وزوجة وموظفة وطالبة في ذات الوقت، ومع ذلك واصلت دراستي العليا، إلى أن حصلت على رسالة الماجستير في مجال الحوكمة، ثم على درجة الدكتوراه التي مثلت اصعب مرحلة بالنسبة لي، وكانت حول الإفصاح المحاسبي عن تقارير التنمية المستدامة.
كيف لك تحقيق التوازن بين كل هذه المسؤوليات؟
يمكن التأكيد هنا على أن تجربة زواجي المبكر لم تؤثر سلبيا مطلقا على مسيرتي أو طموحي العلمي والعملي، بل بالعكس، فزوجي يحمل شهادة الثانوية العامة، ولم يكمل تعليمه جامعيا، ومع ذلك فهو تاجر ناجح ومغامر وشجاع وصبور، وقد تعلمت منه ما لم أتعلمه عبر مشواري العلمي، وقد أثبتت تجربتنا الزواجية أن التنوع يولد التكامل، ولن أنسى له تشجيعه ودعمه لي المتواصل، كما أنه كان وراء الكثير من القرارات المهمة في حياتي ومن دون تردد، وأذكر أنه في يوم من الأيام أن استدعتني دولة بولندا كخبير لتقييم البحوث الممولة من الدولة، وكنت المرأة العربية الوحيدة في هذا الحدث، وقد ترددت كثيرا في الاستجابة لهذه الدعوة إلا أنه هو من شجعني بشدة حتى خضت هذه التجربة الممتعة والمفيدة للغاية.
هل يغار الزوج أحيانا من نجاح زوجته؟
لو تحدثت عن تجربتي الشخصية يمكن الجزم هنا بأن الزوج لا يغار من نجاح زوجته بل قد يكون أحد عوامل تحقيقها لطموحاتها، فنحن ولله الحمد ثنائي ناجح بامتياز، يجمع ما بين البيزنس والعلم، الأمر الذي يجعلني أؤكد هنا أننا نعيش اليوم عصر المهارات وليس الشهادات فقط، فالشهادة وحدها لم تعد تكفي كما كان الاعتقاد سابقا.
كيف ترين الجيل الجديد؟
لا شك أن الجيل الجديد يختلف كثيرا عن جيلنا، كما أن رغباته واحتياجاته في أغلب الأحيان تقدم له على طبق من ذهب، ومعظمه يتمتع بذكاء، وقد يكون ضارا أحيانا، ويحضرني هنا مثال على ذلك، فذات يوم فوجئت بأن أبني استطاع سرقة حساب ابن عمته الخاص بالبلاي ستيشن، وكان حينذاك في الصف الرابع الابتدائي، وهنا نصحته بأن يستخدم مهاراته وذكاءه في الخير، وليس في الشر، وهنا يأتي دور الآباء في توجيه المواهب الالكترونية لدى هذا الجيل والتي تفوق كل التوقعات.
أول محطة عملية؟
أول محطة عملية لي كانت عملي كمعلمة في مدرسة حكومية، ثم ترقيت بعدها إلى منصب رئيس خدمات إدارية ومالية بوزارة التربية والتعليم، وكان لي شرف المشاركة في تأسيس كلية عبدالله بن خالد للدراسات الإسلامية، وفي ذات الوقت كنت رئيس تطوير البحث العلمي في مجلس التعليم العالي، وحاليا أشغل منصب القائم بأعمال مدير إدارة الاعتمادية والتراخيص.
كيف ترين أوضاع البحث العلمي في مجتمعاتنا العربية؟
لو تحدثنا عن وضع البحث العلمي في مملكة البحرين يمكن القول بأنه ينقصنا مركز بحثي شامل لكل التخصصات يشارك فيه القطاعان العام والحكومي، فنحن ولله الحمد لدينا الكوادر الكفؤة اللازمة، فقط هي بحاجة إلى اكتشافها واحتضانها وتشجيعها ودعمها، فأنا على سبيل المثال يصل رصيدي البحثي إلى 45 بحثا علميا، وقد تم الاستشهاد بها عالميا 150 مرة على مستوى العالم، وهذا يؤكد توافر العناصر البشرية المؤهلة، وكم أنا فخورة بحصولي على عشر جوائز عالمية، كانت نتاج شغفي وعشقي للبحث العلمي الذي أراه يشفع للإنسان يوم الحساب، فالبحث هو زكاة للعلم، وخاصة العلم النافع وليس الضار، الذي ينتقي كلماته ونتائجه ومحتواه وتوصياته ويفيد البشرية في النهاية.
ما هي تلك الجوائز؟
لقد حصلت على العديد من الجوائز العالمية وكان أولها جائزة من أوابيك للنفط عن بحث اقتصادي يتعلق بالنفط، وجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم المركز الأول، وجائزة الشارقة لأطروحات الدكتوراه في العلوم الإدارية في الوطن العربي، كما حصلت على ثلاث جوائز بحثية من معهد المحاسبين القانونيين في الهند، وعلى جائزة العالم كوندو للإبداعات العربية، وجائزة جامعة الشارقة لأبحاث الاقتصاد الإسلامي من مركز الشارقة للدراسات الاقتصادية والمالية، وفخورة بشدة لتصنيفي لعامين على التوالي من أفضل 2% من العلماء على الصعيد العالمي من جامعة ستانفورد.
أهم بحث تم إنجازه؟
أهم بحث علمي أنجزته كان عن الإفصاح المحاسبي على عينة تضم أكثر من 24 ألف شركة حول العالم على مدار عشر سنوات عن الاستدامة في جميع دول العالم على جميع القطاعات، ولي أيضا بحثان مهمان يتعلقان بالمرأة وعن دورها في مجال الإدارة، وتأثيرها على الإفصاح المحاسبي، والإفصاح البيئي.
البحث القادم؟
بحثي القادم -بمشيئة الله- هو عن الاستثمار في رأس المال الفكري لدى مؤسسات التعليم العالي، والذي أراه مجالا أوسع وأشمل من الموارد البشرية في حد ذاتها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك